روائع مختارة | قطوف إيمانية | أخلاق وآداب | إذا ساء فعل المرء.. ساءت ظنونه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أخلاق وآداب > إذا ساء فعل المرء.. ساءت ظنونه


  إذا ساء فعل المرء.. ساءت ظنونه
     عدد مرات المشاهدة: 2741        عدد مرات الإرسال: 0

روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «رأى عيسى ابن مريم رجلا يسرق، فقال له: أسرقت؟

 

قال: كلا والله الذي لا إله إلا هو.

فقال عيسى: آمنت بالله، وكذّبت عيني».

لقد حسُن فعل عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام فحسُن ظنـّـه بالناس، مما حَـدا به أن يُكذّب نفسه، ويتأوّل ما رأته عينه طالما أن المقابِل حلف له بالله الذي لا إله إلا هو أنه لم يسرق!

(كان الله سبحانه وتعالى في قلب المسيح عليه السلام أجلّ وأعظم من أن يَحلف به أحد كاذبا، فلما حَلَفَ له السارق دار الأمر بين تُهمتِه وتُهمة بَصَرِه فَـرَدّ التهمة إلى بصره لما اجْتَهَدَ له في اليمين، كما ظنّ آدم عليه السلام صدق إبليس لما حلف له بالله عز وجل وقال: ما ظننت أحدا يحلف بالله تعالى كاذبا) قاله ابن القيم رحمه الله.

فـ «المؤمن غِـرّ كريم، والفاجر خب لئيم» كما قال عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

وكان بعض أهل العلم يقول: من خادعنا بالله خَدَعَـنا.

فالمؤمن الصادق إذا حُلِف له بالله صدّق؛ لأن الصدق له سجيّة.

فهو لا يَكذِب ولا يُكذِّب.

بينما المخادِع المخاتِل الذي اعتاد أن يحلف على الكذب مِرارًا وتِكرارًا لا يُصدِّق مَن حَلَفَ له لأنه اعتاد الحلف كاذبًا! فيظنّ أن الناس- مثله- كَذَبَة.

وهذا كان دأب المنافقين وديدنهم {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ}.

ويُكرِّرون الحلف {يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}.

بل لم يزل بهم الأمر حتى توهّموا كذبهم صدقا، وباطلهم حقًّا، فلما وقفوا بين يدي الله حلفوا له!

{يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ}

وقد يلجأ المؤمن إلى الحلف ليطمئن قلب صاحبه.

لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم تبوك قال- وهو جالس في القوم-: «ما فعل كعب؟» فقال رجل من بني سلمة: يا رسول الله حبسه بُرداه ونظره في عِطفيه! فقال معاذ بن جبل: بئس ما قلتَ! والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال كعب بن مالك رضي الله عنه في قصة تخلّفه عن غزوة تبوك: والله يا رسول الله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن سأخرج من سخطه بِعُذر، ولقد أعطيت جدلا، ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يُسخطك عليّ، ولئن حدثتك حديث صدق تَجِد عليّ فيه إني لأرجو فيه عفو الله، لا والله ما كان لي من عذر. رواه البخاري ومسلم.

ولما أُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بِشَراب فشَرِب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ، فقال للغلام: «أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟» فقال الغلام: والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحدا! قال: فَتَلّه رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده. رواه البخاري ومسلم.

وقد جاء التأكيد باليمين في الكتاب العزيز، فقال سبحانه وتعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.

وقال تبارك وتعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ}.

وما ذلك إلا لأن اليمين قاطعة للشكّ، مثبتة لليقين.

وأما المنافق فقد يحلف ليتخلّص من الموقف.

قال عز وجل عن المنافقين: {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا}.

الكاتب: عبد الرحمن بن عبد الله السحيم.

المصدر: موقع المنبر العلمي.